إِذا حَدَتِ الرِّيحُ عِيَس الحَيا = وَهَتَّكَ بِالبَرقِ سِترَ الدُّجا
وَظَلَّ يُفَوِّقُ جَوَّ الرِّياضِ = وَيَصقُلُها بِنَسيمِ الصَّبا
سَرَينا إِلى المَلِكِ الدُوفِنِييِّ = وَلَكِنَّنا ما حَمَدنا السُّرى
فَأَنزَلنا الدَّهرُ في مَنزِلٍ = كَثيرِ الهُمومِ قَليلِ الكَرى
إِذا هَجَوتُكُمُ لَم أَخشَ سَطوَتَكُم = وَإِن مَدَحتُ فَما حَظّي سِوى التَّعَبِ
فَحِينَ لَم أَلفِ لا خَوفاً وَلا أَمَلاً = رَغِبتُ في الهَجوِ إِشفاقاً مِنَ الكَذِبِ
تَروحُ بِنَجدِ تَغصِبُ الذِّئبَ زادَهُ = وَقَومُكَ بِالرَّوحاءِ في المَنزِلِ الرَّحبِ
وَما ذاكَ إِلَّا نَفحَةٌ حاجِرِيَّةٌ = هَوَيتَ لَها عَيشَ الأَعاريبِ وَالجَدبِ
قَد أَلِفَ القَلبُ خِلافَ الَّذي = كرومَهُ مِن سَلوَةِ القَلبِ
فَعُد إِلى إِسعادِهِ في الهَوى = لَعَلَّهُ يَزهَدُ في الحُبِّ
أَناخَ عَليَّ الهَمُّ مِن كُلِّ جانِب = بَياضُ عَذارى في سَوادِ المَطالِبِ
وَكُنتُ أَظُنُّ الأَربَعينَ تَصُدُّهُ = فَما قُبِلَت فيها شَهادَةُ حَاسِبِ
يا إِخوَتي مِن مالِكِ بنِ كِنانَةٍ = حَيثُ السُّيوفُ تَطولُ بِالأَحسابِ
لا تَسأَلوا عَنّي الخَيالَ فَإِنَّهُ = ما زَارَني مِنكُم فَيَعلَمُ ما بي
هَل تَسمَعونَ شِكايَةً مِن عاتِبِ = أَو تَقبَلونَ إِنابَةً مِن تائِبِ
أَم كُلَّما يَتلوا الصَّديقُ عَلَيكُمُ = في جانِبٍ وَقُلوبُكُم في جانِبِ
خِف من أَمِنتَ ولا تركِن إِلى أَحَدٍ = فَما نَصَحتُك إِلَّا بَعدَ تَجريبِ
إِن كانَت التركُ فيهِم غَيرَ وافِيَةٍ = فَما تَزيدُ عَلى غَدرِ الأَعاريبِ
لَو أَنَّ قَلبي مَعي سَلَوتُ بِهِ = أَو كُنتُ أَنفِيهِ عَن تَرائِبِهِ
لَكِنَّهُ بانَ عَن يَدَيَّ فَما = أَحكُمُ فيهِ مِن بَعدِ صاحِبِهِ
إِذا مِتُّ فادفِني بِوَعساءَ سَهلَةٍ = بِها السِّربُ يَعطو وَالجآذِرُ تَلعَبُ
وَفاحَ سُحَيريُّ الصِّبا مِن خَلائِقي = بِما هوَ أَذكى مِنهُ عُرفاً وَأَطيَبُ
رَمَت بِالحِمى أَبصارَها مُطمَئِنَّةً = فَلَمّا بَدَت نَجدٌ وَهَبَّت جَنوبُها
بَخِلنا عَلَيها بِالبُرى فَتَقَطَّعَت = وَقَلَّ لِنَجدٍ لَو تَقَرَّت قُلوبُها
وَقَتكَ صُروفُ الدَّهرِ يا ابنَ مُقَلَّدٍ = وَلا زِلتَ تَدعو سَعدَها فَتُجيبُ
وَراحَت رَزاياها عَلَيكَ شَفيقَةً = كَأَنَّ الخُطوبَ الطَّارِقاتِ قُلوبُ
إِذا ما الغَمامُ الجَونُ أَنجَدَ صَوبُهُ = وَأَسفَرَ بِالإيماضِ وَهوَ قطوبُ
فَلَيتَ نَسيماً بِالغُوَيرِ يَقُودُهُ = وَيُمسِكُ عَنهُ شَمأَلٌ وَجَنوبُ
فؤادٌ ما يَقِرُّ مِنَ الوَجيبِ = وَدَهرٌ لا يَجودُ عَلى لَبيبِ
وَجَفنٌ تُحسَبُ العَبَراتُ فيهِ = سَحائِبَ يَختَصِمنَ عَلى قَليبِ
سَقى بانَةَ الجَرعاء مِن بَطنِ تُوضَحِ = وَلِلنّاسِ في سُقيا الدِّيارِ مَذاهِبُ
نَسيمٌ كَأَنفاسِ الخُزامى صَقيلَةٌ = بِريحِ النَّعامى قَبَّلَتها السَّحائِبُ
لاحَ وَعقدُ اللَّيلِ مَسلوبُ = بَرق بِنارِ الشَّوقِ مَشبوبُ
طَوى الفَلا يَسألُ عَن حاجِرٍ = وَهوَ إِلى رامَة مَجلوبُ
مَضى الصِّبا وَأناس في الصِّبا عُرِفوا = أَستَودِعُ اللَّهُ أَطرابي وَأَترابي
وَلَو عَقِلَت لَما عَنِيَت بَعدَهُم = نَفسي وَأَتعَبَتُ آرابي بِآرابي
قُل لِلنَّسيم إِذا حَمَلتَ تَحِيَّةً = فاهدِ السَّلامَ لِجَوشَنٍ وَهِضابِهِ
وَاسأَلهُ هَل سحب الرَّبيعُ رِداءَهُ = أَو جَرَّ ذَيلَ الفَضلِ مِن هُدَّابِهِ
وَمُعَذَّلٍ جارٍ عَلى غُلَوائِهِ = يُروى حَديثُ نَداهُ عَن أَعدائِهِ
لَدنٍ كَعالِيَةِ القَناةِ يَخِفُّ في = عَزَماتِهِ وَيَميدُ في أَهوائِهِ
يا مَالِكَ الثَّغرِ الَّذي بِسُيوفِهِ = عَزَّت مَطالِبُهُ عَلى أَعدائِهِ
أَشرَقتَ فيهِ فَلَيلُهُ كَنَهارِهِ = وَرَفَعتَ مِنهُ فَأَرضُهُ كَسَمائِهِ
أَغنا جَزيلُ نَداكَ يا ابنَ مُقَلَّدٍ = شُكري وَقَصَّرَ عَنكَ جُهدُ ثَنائي
وَصَفوا بَياضَ يَدِ الكَليمِ لِمُعجِزٍ = فيهِ وَكَم لَكَ مِن يَدٍ بَيضاءِ
زُفَّت إِلَيكَ وَلَستَ مِن أَكفائِها = كَالشَّمسِ طالِعَةً عَلَى حِربائِها
بَيضاءُ أَشرَقَ وَجهُها في فَرعِها = حَتّى عَرَفتَ صَباحَها بِمَسائِها
هَذا كِتابي عَن كَمالِ سَلامَة = عِندي وَحالِ شَرحِها في الجُملَةِ
هَمٌّ وَإِقتارٌ وَعُمرٌ ذاهِبٌ = وَفِراقُ أَوطانٍ وَفَقدُ أَحِبَّةِ
أَحَلَّني الدَّهرُ لَدى مَعشَرٍ = بابُ النَّدى عِندَهُم مُرتَجُ
دارُهُمُ الدُّنيا لأَنّا بِها = نَدخُلُ صِفراً وَكَذا نَخرُجُ
أَعَرَفتَ مِن عَبقِ النَّسيمِ الفائِحِ = خَبَرَ العُذَيبِ وَبانه المتَناوِحِ
وَاقتادَ طَرفَكَ بارِق مَلَكَت بِهِ = ريحُ الجَنوبِ عَنانَ أَشقَرَ رامِحِ
إِذا أَعجَمَت أَطلالُ هِندٍ عَلى البلى = فَدَمعُكَ في بَثِّ الغَرامِ فَصيحُ
زِيادٌ أَراحَ اللَّيلَ عازِبَ هَمِّهِ = وَهَمُّكَ لَم يَعذُب فَكَيفَ يَروحُ
أَتَذكُرُ فَخراً في قَبائِلِ يَعرُبٍ = وتُنكِرُ قاراً وَهوَ أَبلَجُ واضِحُ
وَيَومَ اللِّقا غادَرتُموها ذَميمَةً = يَسيرُ بِها حاد مِنَ العارِ صادِحُ
لي راحَةٌ يَفرُقُ مِنها الغنى = لأنَّ ما ينزلها يُستَماح
لا بُدَّ أَن أعمرَها بِالغِنى = فَطالَما أَفقَرتُها بِالسَّماح
ما لي أَراكَ عَلى قِلاكَ تَناكَرَت = أَحقادُها وَتَسَالَمَت أَضدادُها
وَتَجاذَبَتها إِمرَة لَولا التُّقى = عَزَّت وَقَصَّرَ دونَها قُصّادُها
وَظَلَّ يُفَوِّقُ جَوَّ الرِّياضِ = وَيَصقُلُها بِنَسيمِ الصَّبا
سَرَينا إِلى المَلِكِ الدُوفِنِييِّ = وَلَكِنَّنا ما حَمَدنا السُّرى
فَأَنزَلنا الدَّهرُ في مَنزِلٍ = كَثيرِ الهُمومِ قَليلِ الكَرى
إِذا هَجَوتُكُمُ لَم أَخشَ سَطوَتَكُم = وَإِن مَدَحتُ فَما حَظّي سِوى التَّعَبِ
فَحِينَ لَم أَلفِ لا خَوفاً وَلا أَمَلاً = رَغِبتُ في الهَجوِ إِشفاقاً مِنَ الكَذِبِ
تَروحُ بِنَجدِ تَغصِبُ الذِّئبَ زادَهُ = وَقَومُكَ بِالرَّوحاءِ في المَنزِلِ الرَّحبِ
وَما ذاكَ إِلَّا نَفحَةٌ حاجِرِيَّةٌ = هَوَيتَ لَها عَيشَ الأَعاريبِ وَالجَدبِ
قَد أَلِفَ القَلبُ خِلافَ الَّذي = كرومَهُ مِن سَلوَةِ القَلبِ
فَعُد إِلى إِسعادِهِ في الهَوى = لَعَلَّهُ يَزهَدُ في الحُبِّ
أَناخَ عَليَّ الهَمُّ مِن كُلِّ جانِب = بَياضُ عَذارى في سَوادِ المَطالِبِ
وَكُنتُ أَظُنُّ الأَربَعينَ تَصُدُّهُ = فَما قُبِلَت فيها شَهادَةُ حَاسِبِ
يا إِخوَتي مِن مالِكِ بنِ كِنانَةٍ = حَيثُ السُّيوفُ تَطولُ بِالأَحسابِ
لا تَسأَلوا عَنّي الخَيالَ فَإِنَّهُ = ما زَارَني مِنكُم فَيَعلَمُ ما بي
هَل تَسمَعونَ شِكايَةً مِن عاتِبِ = أَو تَقبَلونَ إِنابَةً مِن تائِبِ
أَم كُلَّما يَتلوا الصَّديقُ عَلَيكُمُ = في جانِبٍ وَقُلوبُكُم في جانِبِ
خِف من أَمِنتَ ولا تركِن إِلى أَحَدٍ = فَما نَصَحتُك إِلَّا بَعدَ تَجريبِ
إِن كانَت التركُ فيهِم غَيرَ وافِيَةٍ = فَما تَزيدُ عَلى غَدرِ الأَعاريبِ
لَو أَنَّ قَلبي مَعي سَلَوتُ بِهِ = أَو كُنتُ أَنفِيهِ عَن تَرائِبِهِ
لَكِنَّهُ بانَ عَن يَدَيَّ فَما = أَحكُمُ فيهِ مِن بَعدِ صاحِبِهِ
إِذا مِتُّ فادفِني بِوَعساءَ سَهلَةٍ = بِها السِّربُ يَعطو وَالجآذِرُ تَلعَبُ
وَفاحَ سُحَيريُّ الصِّبا مِن خَلائِقي = بِما هوَ أَذكى مِنهُ عُرفاً وَأَطيَبُ
رَمَت بِالحِمى أَبصارَها مُطمَئِنَّةً = فَلَمّا بَدَت نَجدٌ وَهَبَّت جَنوبُها
بَخِلنا عَلَيها بِالبُرى فَتَقَطَّعَت = وَقَلَّ لِنَجدٍ لَو تَقَرَّت قُلوبُها
وَقَتكَ صُروفُ الدَّهرِ يا ابنَ مُقَلَّدٍ = وَلا زِلتَ تَدعو سَعدَها فَتُجيبُ
وَراحَت رَزاياها عَلَيكَ شَفيقَةً = كَأَنَّ الخُطوبَ الطَّارِقاتِ قُلوبُ
إِذا ما الغَمامُ الجَونُ أَنجَدَ صَوبُهُ = وَأَسفَرَ بِالإيماضِ وَهوَ قطوبُ
فَلَيتَ نَسيماً بِالغُوَيرِ يَقُودُهُ = وَيُمسِكُ عَنهُ شَمأَلٌ وَجَنوبُ
فؤادٌ ما يَقِرُّ مِنَ الوَجيبِ = وَدَهرٌ لا يَجودُ عَلى لَبيبِ
وَجَفنٌ تُحسَبُ العَبَراتُ فيهِ = سَحائِبَ يَختَصِمنَ عَلى قَليبِ
سَقى بانَةَ الجَرعاء مِن بَطنِ تُوضَحِ = وَلِلنّاسِ في سُقيا الدِّيارِ مَذاهِبُ
نَسيمٌ كَأَنفاسِ الخُزامى صَقيلَةٌ = بِريحِ النَّعامى قَبَّلَتها السَّحائِبُ
لاحَ وَعقدُ اللَّيلِ مَسلوبُ = بَرق بِنارِ الشَّوقِ مَشبوبُ
طَوى الفَلا يَسألُ عَن حاجِرٍ = وَهوَ إِلى رامَة مَجلوبُ
مَضى الصِّبا وَأناس في الصِّبا عُرِفوا = أَستَودِعُ اللَّهُ أَطرابي وَأَترابي
وَلَو عَقِلَت لَما عَنِيَت بَعدَهُم = نَفسي وَأَتعَبَتُ آرابي بِآرابي
قُل لِلنَّسيم إِذا حَمَلتَ تَحِيَّةً = فاهدِ السَّلامَ لِجَوشَنٍ وَهِضابِهِ
وَاسأَلهُ هَل سحب الرَّبيعُ رِداءَهُ = أَو جَرَّ ذَيلَ الفَضلِ مِن هُدَّابِهِ
وَمُعَذَّلٍ جارٍ عَلى غُلَوائِهِ = يُروى حَديثُ نَداهُ عَن أَعدائِهِ
لَدنٍ كَعالِيَةِ القَناةِ يَخِفُّ في = عَزَماتِهِ وَيَميدُ في أَهوائِهِ
يا مَالِكَ الثَّغرِ الَّذي بِسُيوفِهِ = عَزَّت مَطالِبُهُ عَلى أَعدائِهِ
أَشرَقتَ فيهِ فَلَيلُهُ كَنَهارِهِ = وَرَفَعتَ مِنهُ فَأَرضُهُ كَسَمائِهِ
أَغنا جَزيلُ نَداكَ يا ابنَ مُقَلَّدٍ = شُكري وَقَصَّرَ عَنكَ جُهدُ ثَنائي
وَصَفوا بَياضَ يَدِ الكَليمِ لِمُعجِزٍ = فيهِ وَكَم لَكَ مِن يَدٍ بَيضاءِ
زُفَّت إِلَيكَ وَلَستَ مِن أَكفائِها = كَالشَّمسِ طالِعَةً عَلَى حِربائِها
بَيضاءُ أَشرَقَ وَجهُها في فَرعِها = حَتّى عَرَفتَ صَباحَها بِمَسائِها
هَذا كِتابي عَن كَمالِ سَلامَة = عِندي وَحالِ شَرحِها في الجُملَةِ
هَمٌّ وَإِقتارٌ وَعُمرٌ ذاهِبٌ = وَفِراقُ أَوطانٍ وَفَقدُ أَحِبَّةِ
أَحَلَّني الدَّهرُ لَدى مَعشَرٍ = بابُ النَّدى عِندَهُم مُرتَجُ
دارُهُمُ الدُّنيا لأَنّا بِها = نَدخُلُ صِفراً وَكَذا نَخرُجُ
أَعَرَفتَ مِن عَبقِ النَّسيمِ الفائِحِ = خَبَرَ العُذَيبِ وَبانه المتَناوِحِ
وَاقتادَ طَرفَكَ بارِق مَلَكَت بِهِ = ريحُ الجَنوبِ عَنانَ أَشقَرَ رامِحِ
إِذا أَعجَمَت أَطلالُ هِندٍ عَلى البلى = فَدَمعُكَ في بَثِّ الغَرامِ فَصيحُ
زِيادٌ أَراحَ اللَّيلَ عازِبَ هَمِّهِ = وَهَمُّكَ لَم يَعذُب فَكَيفَ يَروحُ
أَتَذكُرُ فَخراً في قَبائِلِ يَعرُبٍ = وتُنكِرُ قاراً وَهوَ أَبلَجُ واضِحُ
وَيَومَ اللِّقا غادَرتُموها ذَميمَةً = يَسيرُ بِها حاد مِنَ العارِ صادِحُ
لي راحَةٌ يَفرُقُ مِنها الغنى = لأنَّ ما ينزلها يُستَماح
لا بُدَّ أَن أعمرَها بِالغِنى = فَطالَما أَفقَرتُها بِالسَّماح
ما لي أَراكَ عَلى قِلاكَ تَناكَرَت = أَحقادُها وَتَسَالَمَت أَضدادُها
وَتَجاذَبَتها إِمرَة لَولا التُّقى = عَزَّت وَقَصَّرَ دونَها قُصّادُها