الصراع العراقي الأيراني
أن أي صراع أو قتال عندما يندلع بين طرفين (مهما كان الطرفين دولتين أو قبيلتين أو شخصين أو غيره) فأنه وبناءاً على منطق الحرب والقتال يكون الطرف الأكثر إمكانيات وقوة هو الذي يسعى للقتال والحرب وليس العكس ، وإيران تمتلك إمكانيات اكثر بكثير من العراق ويمكن توضيحها على النحو الآتي :
- في بداية الحرب كان عدد سكان إيران 39 مليون نسمة والعراق 13 مليون نسمة أي أن سكان إيران ثلاثة أضعاف سكان العراق .
- مساحة إيران تزيد على مساحة العراق بأكثر من ثلاثة أضعاف ونصف .
- طول الحدود وافتقاد العراق للعمق الإستراتيجي لمدنه يجعل عدد كبير من مدن العراق والمهمة (مثل البصرة والعمارة وديالى وأربيل وخانقين وغيرها) تحت مرمى المدفعية الإيرانية ، ومدنه الأخرى ومنها العاصمة بغداد والتي تبعد 120 كم عن الحدود مع إيران تحت مرمى الصواريخ الإيرانية القصيرة المدى - سكود وغيرها والتي لا تتجاوز 150 كم - التي تمتلكها إيران والعراق في بداية الحرب . بينما إيران تمتلك عمقاً استراتيجياً كبيرا بسبب سعة مساحتها فلذلك معظم مدنها المهمة مثل عاصمتها طهران واصفهان وشيراز وقم وغيرها بعيدة عن المدفعية والصواريخ العراقية) .
- أن العراق كان يعتمد على 85% من اقتصاده على تصدير النفط الذي يتم تصدير معظمه عن طريق (مينائي البكر والعميق في الخليج العربي) ، وبما أن الساحل الشرقي من الخليج العربي كله لإيران والعراق لا يملك إلا ما طوله 30 كم من السواحل فقط في شمال الخليج فأنه بذلك مهدد بأن تقوم إيران بمنع العراق من تصدير نفطه عن طريق الخليج العربي وهذا ما قامت به إيران منذ اليوم الأول لبدء الرد العراقي في 22/9/1980هـ .
- كانت القيادة الإيرانية تعتقد (متوهمة) بأن الشيعة العرب في العراق الذين يمثلون اكثر من 40 % من الشعب العراقي آنذاك سيقف معها في الحرب باعتبارهم ينتمون لنفس المذهب، وكذلك الشعب الكردي الذي نسبته 13% ، وما حصل هو العكس كانت قبضة صدام حسين مسيطرة على الكل ولم يترك لهم أي ثغرة للعبث بالداخل
بادئ ذي بدء سأصف لكم الحالة بين العراق وإيران قبل اندلاع الحرب بسنوات، حيث أنه في بداية السبعينات قامت القيادة الإيرانية في زمن الشاه الذي كان حليفاً لأمريكا بتحريض الجيب العميل في كردستان العراق بقيادة الملا مصطفى البرزاني على التمرد على القيادة العراقية (ورفض بيان 11 آذار للحكم الذاتي لمنطقة كردستان الصادر من القيادة العراقية عام 1971م ) وذلك بالتعاون المخابرات الأمريكية Cia والإسرائيلية الموساد بهدف زعزعة القيادة العراقية وإسقاطها أو استنزافها والتي تمثل خطراً على مصالحهم غير المشروعة بسبب خطواتها الوطنية الشجاعة والتي من أهمها (ضرب الجواسيس وتأميم النفط ومنح الحكم الذاتي لمنطقة كردستان والتوجه للبناء والتطوير والسعي لإعداد جيش قوي لحماية الوطن ومنجزاته)، وبسبب رفض الملا مصطفى البرزاني كل المحاولات التي قامت بها القيادة العراقية لإيقاف حرب الاستنزاف هذه اضطرت القيادة العراقية إلى توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975م بين العراق وإيران والتي من أهم بنودها عدم التدخل بالشؤون الداخلية لكلا الطرفين وتقاسم مياه شط العرب وعدد من البنود الخاصة بترسيم الحدود، مما مكن القيادة العراقية من بسط نفوذها على منطقة كردستان وإقامة حالة الاستقرار فيها والتوجه إلى مرحلة البناء والتطوير الوطنية، حتى اصبح العراق لديه في نهاية السبعينات افضل اقتصاد في المنطقة وتوفر له احتياط بلغ اكثر من 35 مليار دولار! وكان الدينار العراقي يساوي اكثر من 3 دولارات! كما كان لديه افضل نظام طبي وتعليمي في المنطقة، ونظراً لرغبة الأمريكان التخلص من الشاه بسبب توقيعه معاهدة الجزائر مع العراق ولـتأجيج الفتنة مع العراق ولأسباب أخرى تم تحريك الشارع الإيراني ضد الشاه الذي كان متعطشاَ للخلاص منه وإقناع الشاه بضرورة الخروج من إيران حتى يهدأ الوضع، كما جرى تلميع صورة الخميني وتسهيل عودته من فرنسا واستلامه السلطة وانتهاء عهد الشاه ، ومع استلام الخميني القيادة في إيران بدأت رائحة وشرارة الحرب تفوح وتشتعل شيئاً فشيئاً
أولاً : بداية الحرب ،والتحرش الايراني بالعراق ودول الخليج.
ثانياً : إيران تبحث عن السلاح من عند اصدقائها أسرائيل وأمريكا .
ثالثاً : إسرائيل تضرب المفاعل النووي العراقي بالاتفاق مع حليفتها أيران .
رابعاً : إيران تستعيد قدراتها ،وتشن الهجوم المعاكس بدعم امريكي .
خامساً : استمرار الحرب ،وإيران تحاول تحرير أراضيها .
سادساً : تحول ميزان القوى لصالح إيران بدعم أسرائيلي بأسلحه نووية ،واحتلال الفاو ،وجزر مجنون .
سابعاً : النظام العراقي يسعى للتسلح بأسلحة الفتاكه.
ثامناً : حرب الناقلات ،وتأثيرها على إمدادات النفط .
تاسعاً : معارك العام الأخير للحرب .
عاشراً : النظام العراقي يهاجم مدينة حلبجة .
أحد عشر: النظام العراقي يكثف حرب الصواريخ ،وأركع إيران ،وأنهى الحرب بنصره الكبير.
اثنا عشر : النظام العراقي يهاجم بعض الخونة الاكراد واذناب الروافض [ حملة الأنفال ] .
أولاً : بداية الحرب ،والتحرش الايراني بالعراق ودول الخليج.
- أرسل الرئيس صدام حسين رسالة تهنئة للزعيم الإيراني الخميني بنجاح الثورة وتسلمه السلطة معرباً عن أمله بأن تكون مكسباً للامة العربية والإسلامية ،ومتمنياً بأن تكون العلاقات بين الشعبين العراقي والإيراني مبنية على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والجيرة الحسنة بما يطور العلاقة بين البلدين والشعبين، وقد قال السيد موسى الموسوي (مستشار الخميني آنذاك) المتواجد حالياً في لندن بأن الخميني قال له بعد قراءة الرسالة أمامه بأن صدام خائف لان هناك نسبة كبيرة من الشعب العراقي سيؤيده حالما ينادي بإسقاط النظام العراقي باعتباره عاش في العراق 13 سنه، وقد رد الزعيم الخميني برسالة جواب للرئيس العراقي تتضمن تهديداً ووعيداً وختمها بجملة والسلام على من اتبع الهدى وهي جملة معروف أنها تقال لغير المسلم.
- بدأت القيادة الإيرانية بحملة إعلامية واسعة وكبيره من خلال وسائل الأعلام المختلفة بالترويج لما يسمى بتصدير الثورة الإسلامية للأقطار المجاورة خاصة العراق ودول الخليج لزعزعة وإسقاط أنظمتها (التي كانت تصفهم القيادة الإيرانية بالأنظمة الكافرة والعميلة للغرب) لإقامة أنظمة موالية لها، كما رددت من خلال خطابها الإعلامي في أنه أي اتفاقية وقعها الشاه لا تعبر عن طموح الشعب الإيراني وتطلعاته تعتبر لاغية وخصت بالذكر اتفاقية الجزائر الموقعة مع العراق .
- بدأت القيادة الإيرانية واستمراراً لحملتها الإعلامية الواسعة ومنذ يوم 4/9/1980م بالتحرش بالمدن والقصبات العراقية الحدودية وقصفها بالمدفعية والتحرش بالسفن في الخليج العربي وشط العرب وفرض رفع العلم الإيراني فوق السفن العراقية وتحريض ما يسمى حزب الدعوة لإشعال نار الفتنة الطائفية وللقيام بتفجيرات داخل المدن والعاصمة بغداد، وقيام طائراتها بالإغارة على عدد من المنشآت العراقية حيث تم إسقاط إحدى الطائرات وأسر قائدها الذي احتفظت به القيادة العراقية إلى نهاية التسعينات على أنه دليل إثبات على بدء الحرب من قبل الجانب الإيراني، وقد قدمت القيادة العراقية اكثر من 260 مذكرة احتجاج موثقة ضد الجانب الإيراني على ممارسته وتجاوزاته وخروقاته للأراضي والمياه العراقية للأمم المتحدة وصور منها للجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والسفارة الإيرانية في بغداد، وقد تحملت القيادة العراقية كل ذلك بصبر وحكمة ومسؤولية عالية بهدف منع تطور الوضع إلى ما هو أسوء .
- لكن مع الأسف أن القيادة الإيرانية فسرت صبر القيادة العراقية وحكمتها وشعورها بالمسؤولية بالضعف والخوف والتردد مما جعلها تتمادى وتستمر بالتجاوزات والخروقات وقصف المدن والقصبات والاستفزازات في المياه الإقليمية والدولية وإشعال نار الفتنة بين الشعب العراقي، ولما تأكدت القيادة العراقية من عزم وإصرار القيادة الإيرانية في إلحاق الضرر بالعراق وإشعال الفتنة الطائفية فيه والتصميم على إسقاط القيادة العراقية قولاً وعملاً ، خرج الرئيس صدام حسين على شاشة التلفزيون ومزق اتفاقية الجزائر وقال أنها لاغية لان الإيرانيين خرقوا الاتفاقية في أهم بنودها وهو بند عدم التدخل بالشؤون الداخلية لكلا الطرفين، ولإفهام القيادة الإيرانية بقدرة العراق على الرد بكل قوة، قامت القيادة العراقية مضطرة بالرد في يوم 22/9/1980م بقيام عشرات الطائرات العراقية بقصف معظم المطارات الإيرانية بوقت واحد رافقه دخول الجيش العراقي بعمق 10 كم داخل أراضى إيران على طول الجبهة بهدف أبعاد المدفعية الإيرانية عن المدن والقصبات الحدودية .
في صباح الثاني والعشرين من أيلول 1980 ،قامت على حين غرة 154 طائرة حربية عراقية بهجوم جوي كاسح على مطارات إيران ،والمراكز الحيوية فيها ،ثم أعقبتها 100 طائرة أخرى في ضربة ثانية لإكمال ضرب المطارات والطائرات الحربية الإيرانية ،وكانت الطائرات تغير موجة إثر موجة ،وفي الوقت نفسه زحفت الدبابات والمدرعات العراقية نحو الحدود الإيرانية على جبهتين.
1 ـ الجبهة الأولى في المنطقة الوسطى من الحدود بين البلدين ،باتجاه [ قصر شيرين ] ، نظراً لقرب هذه المنطقة من قلب العراق ،لإبعاد أي خطر محتمل لتقدم القوات الإيرانية نحو ديالى ،ثم بغداد ،وقد استطاعت القوات العراقيه الاشاوس احتلال[ قصر شيرين ].
2 ـ الجبهة الثانية في الجنوب ،نحو منطقة [ خوزستان ] الغنية بالنفط ،وذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى ،حيث تطل على أعلى الخليج .
وفي خلال بضعة أسابيع من الهجوم المتواصل ،استطاعت القوات العراقية ،التي كانت قد استعدت للحرب ،من السيطرة على منطقة [ خوزستان ] بكاملها ،واحتلت مدينة [ خرم شهر ] ،وقامت بالتفاف حول مدينة [ عبدان ] النفطية ،وطوقتها .
وعلى الجانب الإيراني ،فقد قامت الطائرات الإيرانية بالرد على الهجمات العراقية ، وقصفت العاصمة بغداد ، وعدد من المدن الأخرى ، الا أن تأثير القوة الجوية الإيرانية لم يكن على درجة من الفعالية ،وخصوصاً وأن النظام العراقي كان قد تهيأ للحرب قبل نشوبها ، حيث تم نصب المضادات الأرضية في كل أنحاء العاصمة والمدن الأخرى ،وتم كذلك نصب العديد من بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات حول بغداد . وهكذا فقد فقدت إيران أعداد كبيرة من طائراتها خلال هجومها المعاكس على العراق ،كما أن القوة الجوية الإيرانية كانت قد فقدت الكثير من كوادرها العسكرية المدربة بعد قيام الثورة ،مما اضعف قدرات سلاحها الجوي ، ولم يمضِ وقت طويل حتى أصبح للسلاح الجوي العراقي السيطرة المطلقة في سماء البلدين .
وفي الوقت الذي كانت إيران تستورد الاسلحة من حلفائها أسرائيل وأمريكا مثل الأسلحة الكيماوية والنوويه ، كانت الأسلحة تنهال على العراق من كل جانب ، كما أوعزت الولايات المتحدة إلى الرئيس المصري أنور السادات ببيع جميع الأسلحة المصرية من صنع سوفيتي إلى العراق ،وتم فتح قناة الاتصال بين البلدين عن طريق سلطنة عمان ،حيث كانت العلاقات بين البلدين مقطوعة منذُ أن ذهب السادات إلى إسرائيل .وقام السادات بالدور الموكول له ،وأخذت الأسلحة المصرية تُنقل إلى العراق عن طريق الأردن والسعودية خلال عام 1981 . كما بدأت خطوط الإنتاج في المصانع الحربية المصرية تنتج وتصدر للعراق المعدات والذخيرة ،والمدافع عيار 122ملم طيلة سنوات الحرب .
.
أما الاتحاد السوفيتي ، فقد بدأ بتوريد الأسلحة إلى العراق ،بعد توقف لفترة من الزمن ، وبدأت الأسلحة تنهال عليه عام 1981 ،حيث وصل إلى العراق 400 دبابة طراز T55 و250 دبابة طراز T 72)) كما تم عقد صفقة أخرى تناولت طائرات [ميك ] [وسوخوي ] و [ توبوليف ] ،بالإضافة إلى الصواريخ .
كما عقد حكام العراق صفقة أخرى مع البرازيل ،بمليارات الدولارات ،لشراء الدبابات ،والمدرعات ،وأسلحة أخرى ،وجرى ذلك العقد بضمانة سعودية ، واستمرت العلاقات التسليحية مع البرازيل حتى نهاية الحرب عام 1988.
وهكذا أستمر تفوق الجيش العراقي خلال العام 1981 ،حيث تمكن من احتلال مناطق واسعة من القاطع الأوسط منها [سربيل زهاب ]و[الشوش]و[قصر شيرين] وغيرها من المناطق الأخرى .
كما تقدمت القوات العراقية في القاطع الجنوبي ،في العمق الإيراني ،عابرة نهر الطاهري
ثانياً : إيران تبحث عن السلاح من عند اصدقائها أسرائيل وأمريكا .
أحدث تقدم الجيش العراقي في العمق الإيراني قلقاً كبيراً لدى القيادة الإيرانية ،التي بدأت تعد العدة لتعبئة الجيش بكل ما تستطيع من الأسلحة والمعدات ،وقامت عناصر من الحكومة الإيرانية بالبحث عن مصادر للسلاح ،حيث كان السلاح الإيراني كله أمريكياً ،وكانت الولايات المتحدة قد أوقفت توريد الأسلحة إلى إيران منذُ الإطاحة بالشاه ،طلب الروافض من حليفتهم أسرائيل الدعم الا محدود من الاسلحة النوويه والكيماوية وأسلحة الدمار الشامل ، عن طريق أثنين من مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ، وهما [ أودولف سكويمر ] و [ يلكوف نامرودي
وجدت إسرائيل ضالتها في تقديم الأسلحة إلى إيران،ذلك لأن العراق تعتبره إسرائيل عدواً لها ،وإن إضعافه ،وإنهاك جيشه في حربه مع إيران يحقق أهداف إسرائيل .
ولم يكن تصرف إسرائيل هذا ،بمعزل عن الولايات المتحدة ورضاها ومباركتها وكانت هي المرتبة لتلك الصفقات ،بعد أن وجدت الولايات المتحدة أن الوضع العسكري في جبهات القتال قد أصبح لصالح العراق ،ورغبة منها في إطالة أمد الحرب أطول مدة ممكنة فقد أصبح من الضروري إمداد إيران بالسلاح لمقاومة التوغل العراقي في عمق الأراضي الإيرانية ،وخلق نوع من توازن القوى بين الطرفين .
وفي آذار من عام 1981 أسقطت قوات الدفاع الجوي السوفيتية طائرة نقل دخلت المجال الجوي السوفيتي قرب الحدود التركية ،وتبين بعد سقوطها أنها كانت تحمل أسلحة ومعدات إسرائيلية إلى إيران . وهكذا شاع خبر الأسلحة الإسرائيلية في أرجاء العالم وكانت فضيحة الروافض الكبرى .
إلا أن ذلك الإجراء لم يكن سوى تغطية للفضيحة ،وظهر أن وراء تلك الحرب مصالح دولية كبرى تريد إدامة الحرب ،وإذكاء لهيبها ،وبالفعل تكشفت بعد ذلك في عام 1986 ،فضيحة أخرى هي ما سمي [ إيران ـ كونترا ]على عهد الرئيس الأمريكي [ رونالد ريكان ] الذي أضطر إلى تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة السناتور [جون تاور ] وعضوية السناتور [ ادموند موسكي ] ومستشار للأمن القومي [برنت سكوكروفت ] ، وذلك في 26 شباط 19987 ،وقد تبين من ذلك التحقيق أن مجلس الأمن القومي الأمريكي كان قد عقد اجتماعاً عام 1983 ،برئاسة ريكان نفسه لبحث السياسة الأمريكية تجاه إيران ،وموضوع الحرب العراقية الإيرانية ،وقد وجد مجلس الأمن القومي الأمريكي أن استمرار لهيب الحرب يتطلب تزويد إيران بالسلاح وقطع الغيار والمعدات ، من قبل الولايات المتحدة وشركائها ،وبشكل خاص إسرائيل ،التي كانت لها مصالح واسعة مع حكومة الشاه لسنوات طويلة ، وأن تقديم السلاح لإيران يحقق هدفين للسياسة الإسرائيلية الإستراتيجية . الهدف الأول يتمثل في استنزاف القدرات العسكرية العراقية ،التي تعتبرها إسرائيل خطر عليها ، والهدف الثاني هو تنشيط سوق السلاح الإسرائيلي .
لقد قام الكولونيل [ اولفر نورث ] مساعد مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي بترتيب التعاون العسكري الإسرائيلي الإيراني علما أن الكونجرس كان قد اصدر قراراً يمنع بيع الأسلحة إلى إيران ،وجرى ترتيب ذلك عن طريق شراء الأسلحة إلى ثوار الكونترا في نكاراغوا ،حيث كان هناك قرارا بتزويد ثورة الردة في تلك البلاد ،وجرى شراء الأسلحة من إسرائيل ،وسجلت أثمانها بأعلى من الثمن الحقيقي ،لكي يذهب فرق السعر ثمناً للأسلحة المرسلة إلى إيران ،بالإضافة إلى ما تدفعه إيران من أموال لهذا الغرض .(3)
وقد أشار تقرير اللجنة الرئاسية كذلك ،إلى أن اجتماعاً كان قد جرى عقده بين الرئيس [ريكان ] ومستشاره للأمن القومي [ مكفرن ] عندما كان ريكان راقداً في المستشفى لإجراء عملية جراحية لإزالة ورم سرطاني في أمعائه ،وقد طلب مستشاره الموافقة على فتح خط اتصال مع إيران ،وقد أجابه الرئيس ريكان على الفور : [أذهب وافتحه ].
وبدأ الاتصال المباشر مع إيران ،وسافر [ أولفر نورث ] بنفسه إلى إيران في زيارة سرية لم يعلن عنها ،وبدأت الأسلحة ذات الدمار الشامل الأمريكية تنهال على إيران ، حباً بإيران ونظامها الرافضي (4)
ولم يقتصر تدفق الأسلحة لإيران ،على إسرائيل والولايات المتحدة فقط ،وإنما تعدتها إلى جهات أخرى عديدة
ثالثاً : إسرائيل تضرب المفاعل النووي العراقي بالاتفاق مع حليفتها أيران .
انتهزت إسرائيل فرصة قيام الحرب العراقية الإيرانية ،لتقوم بضرب المفاعل الذري العراقي عام 1981،فقد كانت إسرائيل تراقب عن كثب سعي النظام العراقي لبناء برنامجه النووي ،حيث قامت فرنسا بتزويد العراق بمفاعل ذري تم إنشاءه في الزعفرانية ،إحدى ضواحي بغداد ،وكانت إسرائيل ،عبر جواسيسها الأيرانيون و الأكراد تتتبّع التقدم العراقي في هذا المجال باستمرار .
وعندما قامت الحرب العراقية الإيرانية وجدت إسرائيل الفرصة الذهبية لمهاجمة المفاعل
،مستغلة قيام الطائرات الإيرانية شن غاراتها الجوية على بغداد ،وانغمار العراق في تلك الحرب مما يجعل من العسير عليه فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل آنذاك .
وهكذا هاجم سرب من الطائرات الإسرائيلية يتألف من 18 طائرة المفاعل النووي العراقي في كانون الثاني 1981،وضربه بالقنابل الضخمة ،وقيل حينذاك أن عدد من الخبراء الفرنسيين العاملين في المفاعل قد قدموا معلومات واسعة ودقيقة عن المفاعل ،مما سهل للإسرائيليين إحكام ضربتهم له ،وهكذا تم تدمير المفاعل بمساعدة لوجستية أيرانية.(5)
توعد لاسرائيل بالرد حين أنتهائه من حربه مع الروافض ,وقد اوفى بوعده ورد على أسرائيل بعدة صواريخ ولكن بعد وقت طويل نسبيا
رابعاً : إيران تستعيد قدراتها ،وتشن الهجوم المعاكس بدعم امريكي .
في أواسط عام 1982 ، استطاع النظام الرافضي احتواء هجوم الجيش العراقي ، وتوغله في عمق الأراضي الإيرانية ،وإعداد العدة للقيام بالهجوم المعاكس لطرد القوات العراقية من أراضيه بعد أن تدفقت الأسلحة على إيران من كل جهة واهمها أسرائيل ،وقامت الحكومة الإيرانية بتعبئة الشعب الإيراني ،ودفعه للمساهمة في الحرب .
لقد بدأت أعداد كبيرة من الإيرانيين بالتطوع في قوات الحرس الثوري ،مدفوعين بدعاوى دينية استشهادية ،وتدفق الآلاف المؤلفة منهم إلى جبهات القتال ،وقد عصبوا رؤوسهم بالعصابة السوداء
وفي تلك الأيام من أواسط عام 1982 ، شنت القوات الإيرانية هجوماً واسعاً على القوات العراقية ،التي عبرت نهر الطاهري متوغلة في العمق الإيراني ،واستطاع الجيش الإيراني ،والحرس الثوري من تطويق القوات العراقية ،وخاض ضدها معارك شرسة ذهب ضحيتها الآلاف من الروافض وقليل من جيش العراق المغوار، وكانت الحرب كر وفر وانسحبت القوات العراقية الى ترسانتها .
واستمر اندفاع القوات الإيرانية عبر نهر الطاهري ،و[ خرم شهر ] وطوقت مدينة عبدان النفطية المشهورة ،واشتدت المعارك بين الطرفين ،واستطاعت القوات الإيرانية في النهاية من التغلب على القوات العراقية في منطقة [ خوزستان ] في تموز من عام 1982 ،وكان الجيش العراقي مستبسلا دوما كقائده الفذ صدام حسين
أحدث الهجوم الإيراني هزة كبرى للنظام العراقي وآماله ،وأحلامه في السيطرة على منطقة خوزستان الغنية بالبترول ،وكان حكام العراق قد ساوموا حكام إيران عليها بموجب شروط المنتصر في الحرب ،إلا أن حكام إيران رفضوا شروط العراق المنتصر بالحرب
حاول النظام العراقي التوصل مع حكام إيران إلى وقف الحرب وحقن الدماء ،وإجراء مفاوضات بين الطرفين ،قامت القوات الإسرائيلية في صيف ذلك العام 1982 باجتياح لبنان، واحتلالها للعاصمة بيروت ،وفرضها زعيم القوات الكتائبية [ بشير الجميل ] رئيساً للبلاد ،تحت تهديد الدبابات التي أحاطت بالبرلمان اللبناني ،لكي يتسنى للعراق تقديم الدعم للشعب اللبناني حسب عقائيدته ،مبدياً استعداده للانسحاب من جميع الأراضي الإيرانية المحتلة نظرا لكسبه الحرب على أيران ومولاها أسرائيل ،إلا أن حكام إيران ،وعلى رأسهم [الإمام الخميني ]رفضوا العرض العراقي بأمر أمريكي أسرائيلي خوفا منهم كي لايقطعوا عنهم المد العسكري ووقعت أيران بين فكين كماشة ،وأصروا على مواصلة الحرب رغم الخسائر المؤلمة وموت قواتهم بالالالف كل يوم..
وحاولت العراق ،بكل الوسائل والسبل وقف الحرب ،ووسطوا العديد من الدول ،والمنظمات ،كمنظمة الأمم المتحدة ،والجامعة العربية ،ومنظمة المؤتمر الإسلامي ،ولكن كل محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح ،فقد كان الإمبرياليون يسعون بكل الوسائل والسبل إلى استمرار الحرب ،وإفشال أي محاولة للتوسط في النزاع ، فقد قتل وزير خارجية الجزائر عندما كان في طريقه إلى إيران ،في محاولة للتوسط بين الطرفين المتحاربين ،حيث أُسقطت طائرته ولف الحادث الصمت المطبق ،وبقي سراً من الأسرار .
كما اغتيل رئيس وزراء السويد [ أولف بالمه ] الذي بذل جهوداً كبيرة من أحل وقف القتال ،في أحد شوارع العاصمة السويدية ،وبقي مقتله سراً من الأسرار كذلك ، وقيل أن توسطه بين الأطراف المتحاربة لوقف القتال كان أحد أهم أسباب اغتياله ، هذا بالإضافة إلى موقفه النبيل من قضايا التسلح النووي ،والحرب الفيتنامية التي عارضها بشدة .
لقد كان إصرار حكام إيران على استمرار الحرب بأمر أمريكي بحت ،من اعظم الأخطاء التي وقعوا فيها ، ولا يمكن تبرير موقفهم ذاك بأي حال من الأحوال ،فقد أدى استمرار الحرب حتى الأشهر الأخيرة من عام 1988 ،إلى إزهاق أرواح مئات الألوف من أبناء الرافضة ،وبُددت ثروات البلدين ،وانهار اقتصادهما ،وتراكمت عليهما الديون ،،كما كانت شعاراتهم تقول .ولا أحد يعتقد أن الإمام الخميني وحكام إيران لم يكونو عارفين أن تلك الحرب كانت حرب أمريكية ،وتصب في خانة الولايات المتحدة وإسرائيل الإستراتيجية في المنطقة ،وكان خير دليل على ذلك قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتزويد أيران بالأسلحة ،والمعدات وقطع الغيار ،والمعلومات التي كانت تنقلها الأقمار الصناعية ،التجسسية الأمريكية لايران،من أجل إطالة أمد الحرب ،وعليه كان الإصرار على استمرار الحرب جريمة كبرى بحق الشعبين والبلدين الجارين المسلمين ،بصرف النظر عن طبيعة الشعب الفارسي ومحاولته لاغتصاب أراضي الخليج وثرواته التي كانت محط انظاره دائما ولكن لقن درسا ابديا على يد العراقيين الشجعان وقائدهم الفذ المناضل صدام حسين،والحمدلله كان الله ناصرهم بكل المعارك
لقد كان أحرى بالنظام الإيراني وبالإمام الخميني إيقاف القتال ،وحقن الدماء ، والعمل بقوله تعالى : [ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ] وقوله تعالى في آية أخرى : [ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين ] ،كما جاء في آية ثالثة قوله تعالى : [ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، فاصلحوا بينهم ]( صدق الله العظيم)تلك هي آيات من القرآن الكريم ، وهي تحث على السلام ،وحل المشاكل بالحسنى والعدل ،ولكن هم بعيدين كل البعد عن القرأن والسنة والصحابة الطاهرين بل هم بأنكارهم لبعض أيات القرأن هم كفرة جاحدين مرتدين, يكذبون الله بأنكارهم تبرئة أمنا عائشة رضي الله عنها المبرئه بصريح الأية القرأنيه ولا اريد الخوض اكثر فهناك مئة انكار للقرأن والسنة لعنة الله على الكافرين
ومن جهة أخرى كان النظام الإيراني قد أدرك أن الإمبرياليين يساعدون الطرفين ، ويمدونهم بالسلاح والمعلومات العسكرية ،أفلا يكون هذا خير دليل على أن تلك الحرب هي حرب أمريكية ،استهدفت البلدين والشعبين والجيشين ،من أجل حماية مصالح الإمبرياليين في الخليج ،وضمان تدفق النفط إليهم دون تهديد أو مخاطر ، وبالسعر الذي يحددونه هم ؟ ثم ألا يعني استمرار تلك الحرب ،خدمة كبرى للإمبرياليين،وكارثة مفجعة لشعبي البلدين وللعلاقات التاريخية وحسن الجوار بينهما ؟
لقد أرادالروافض أن يزاوج مصالح الإمبريالية بأطماعهم التوسعية ،ولكن حسابات البيدر كانت غير حسابات الحقل ،كما يقول المثل ،ودفعت أيران ثمناً غالياً من دماء أبنائه ومن كرمتها المهدورة،وبددت ثروات البلاد ، واغرقت نفسها و العراق بالديون ،ودمر اقتصاده ، ولم يستفد من تلك الحرب سوى الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم.
ربما فكر الإمام الخميني بأن استمرار الحرب يمكن أن يحقق له أهدافاً في العراق ، كقيام ثورة [ شيعية ] تسقط النظام الصدامي ،لكن هذا الحلم كان غير ممكن التحقيق ،لسبب بسيط ،وهو أن الإمبريالية لا يمكن أن تسمح بقيام نظام ثانٍ في العراق على غرار النظام الإيراني ،ولا حتى تسمح بأن يسيطر صدام حسين على إيران ليشكل ذلك أكبر خطر على مصالحهم في المنطقة ،وتسمح لأحد المنتصرين الجلوس على نصف نفط الخليج ،وليس أدل على ذلك من إعلان الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي ، في 23 كانون الثاني من عام 1980 والذي جاء فيه ما يلي :
{ إن أي محاولة من جانب أي قوى للحصول على مركز مسيطر في منطقة الخليج ، سوف يعتبر في نظر الولايات المتحدة الأمريكية كهجوم على المصالح الحيوية بالنسبة لها ،وسوف يتم رده بكل الوسائل ، بما فيها القوة العسكرية } .(6)
هذه هي حقائق الوضع في منطقة الخليج ،والتي جهلها أو تجاهلها حكام البلدين ، ليغرقوا بلديهما وشعبيهما في ويلات أطول حرب في القرن العشرين .
خامساً : استمرار الحرب ،وإيران تحاول تحرير أراضيها .
اشتدت الحرب ضراوة ما بين الأعوام 1983 ـ 1986 ،حيث أخذت إيران زمام المبادرة من العراقيين ،واستطاعت بعد إكمال تحرير إقليم خوزستان ،أن تركز جهدها الحربي نحو القاطع الأوسط من ساحة الحرب ،وشنت هجوماً واسعا على القوات العراقية ،مسددة له ضربات متواصلة ،استطاعت من خلالها تحرير بعض المدن [ قصر شيرين] و [ سربيل زهاب ] و [ الشوش ]،وتمكنت من أستعادتها
لقد كان الرئيس صدام حسين كريما سخيا حنونا مع شعبه الشريف منهم وقدم المساعدات رغم ضغوط الحرب التي اثقلت كاهله فقدم لكل مصاب او اهل شهيد سيارة ومبلغ من المال ،أو قطعة أرض او شقة أو دار ، وكانت الحكومة السعودية ، وحكام دول الخليج الأخرى تدفع الأموال الطائلة لتمكن صدام حسين من دفع تلك المساعدات ،ولشراء الأسلحة والمعدات للجيش العراقي ،
لقد كان من الممكن أن يكون العراق اليوم في مصاف الدول المتقدمة في تطوره ، ومستوى معيشة شعبه ،نظراً لما يتمتع به العراق من ثروات نفطية ومعدنية ،وأراضي زراعية خصبة ،ومياه وفيرة ،ولكن أجبروه الروافض الى دخول تلك الحرب, التي نصره الله بها رغم أنوف أسرائيل وأمريكا ومن ساندهم
يتبع
أن أي صراع أو قتال عندما يندلع بين طرفين (مهما كان الطرفين دولتين أو قبيلتين أو شخصين أو غيره) فأنه وبناءاً على منطق الحرب والقتال يكون الطرف الأكثر إمكانيات وقوة هو الذي يسعى للقتال والحرب وليس العكس ، وإيران تمتلك إمكانيات اكثر بكثير من العراق ويمكن توضيحها على النحو الآتي :
- في بداية الحرب كان عدد سكان إيران 39 مليون نسمة والعراق 13 مليون نسمة أي أن سكان إيران ثلاثة أضعاف سكان العراق .
- مساحة إيران تزيد على مساحة العراق بأكثر من ثلاثة أضعاف ونصف .
- طول الحدود وافتقاد العراق للعمق الإستراتيجي لمدنه يجعل عدد كبير من مدن العراق والمهمة (مثل البصرة والعمارة وديالى وأربيل وخانقين وغيرها) تحت مرمى المدفعية الإيرانية ، ومدنه الأخرى ومنها العاصمة بغداد والتي تبعد 120 كم عن الحدود مع إيران تحت مرمى الصواريخ الإيرانية القصيرة المدى - سكود وغيرها والتي لا تتجاوز 150 كم - التي تمتلكها إيران والعراق في بداية الحرب . بينما إيران تمتلك عمقاً استراتيجياً كبيرا بسبب سعة مساحتها فلذلك معظم مدنها المهمة مثل عاصمتها طهران واصفهان وشيراز وقم وغيرها بعيدة عن المدفعية والصواريخ العراقية) .
- أن العراق كان يعتمد على 85% من اقتصاده على تصدير النفط الذي يتم تصدير معظمه عن طريق (مينائي البكر والعميق في الخليج العربي) ، وبما أن الساحل الشرقي من الخليج العربي كله لإيران والعراق لا يملك إلا ما طوله 30 كم من السواحل فقط في شمال الخليج فأنه بذلك مهدد بأن تقوم إيران بمنع العراق من تصدير نفطه عن طريق الخليج العربي وهذا ما قامت به إيران منذ اليوم الأول لبدء الرد العراقي في 22/9/1980هـ .
- كانت القيادة الإيرانية تعتقد (متوهمة) بأن الشيعة العرب في العراق الذين يمثلون اكثر من 40 % من الشعب العراقي آنذاك سيقف معها في الحرب باعتبارهم ينتمون لنفس المذهب، وكذلك الشعب الكردي الذي نسبته 13% ، وما حصل هو العكس كانت قبضة صدام حسين مسيطرة على الكل ولم يترك لهم أي ثغرة للعبث بالداخل
بادئ ذي بدء سأصف لكم الحالة بين العراق وإيران قبل اندلاع الحرب بسنوات، حيث أنه في بداية السبعينات قامت القيادة الإيرانية في زمن الشاه الذي كان حليفاً لأمريكا بتحريض الجيب العميل في كردستان العراق بقيادة الملا مصطفى البرزاني على التمرد على القيادة العراقية (ورفض بيان 11 آذار للحكم الذاتي لمنطقة كردستان الصادر من القيادة العراقية عام 1971م ) وذلك بالتعاون المخابرات الأمريكية Cia والإسرائيلية الموساد بهدف زعزعة القيادة العراقية وإسقاطها أو استنزافها والتي تمثل خطراً على مصالحهم غير المشروعة بسبب خطواتها الوطنية الشجاعة والتي من أهمها (ضرب الجواسيس وتأميم النفط ومنح الحكم الذاتي لمنطقة كردستان والتوجه للبناء والتطوير والسعي لإعداد جيش قوي لحماية الوطن ومنجزاته)، وبسبب رفض الملا مصطفى البرزاني كل المحاولات التي قامت بها القيادة العراقية لإيقاف حرب الاستنزاف هذه اضطرت القيادة العراقية إلى توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975م بين العراق وإيران والتي من أهم بنودها عدم التدخل بالشؤون الداخلية لكلا الطرفين وتقاسم مياه شط العرب وعدد من البنود الخاصة بترسيم الحدود، مما مكن القيادة العراقية من بسط نفوذها على منطقة كردستان وإقامة حالة الاستقرار فيها والتوجه إلى مرحلة البناء والتطوير الوطنية، حتى اصبح العراق لديه في نهاية السبعينات افضل اقتصاد في المنطقة وتوفر له احتياط بلغ اكثر من 35 مليار دولار! وكان الدينار العراقي يساوي اكثر من 3 دولارات! كما كان لديه افضل نظام طبي وتعليمي في المنطقة، ونظراً لرغبة الأمريكان التخلص من الشاه بسبب توقيعه معاهدة الجزائر مع العراق ولـتأجيج الفتنة مع العراق ولأسباب أخرى تم تحريك الشارع الإيراني ضد الشاه الذي كان متعطشاَ للخلاص منه وإقناع الشاه بضرورة الخروج من إيران حتى يهدأ الوضع، كما جرى تلميع صورة الخميني وتسهيل عودته من فرنسا واستلامه السلطة وانتهاء عهد الشاه ، ومع استلام الخميني القيادة في إيران بدأت رائحة وشرارة الحرب تفوح وتشتعل شيئاً فشيئاً
أولاً : بداية الحرب ،والتحرش الايراني بالعراق ودول الخليج.
ثانياً : إيران تبحث عن السلاح من عند اصدقائها أسرائيل وأمريكا .
ثالثاً : إسرائيل تضرب المفاعل النووي العراقي بالاتفاق مع حليفتها أيران .
رابعاً : إيران تستعيد قدراتها ،وتشن الهجوم المعاكس بدعم امريكي .
خامساً : استمرار الحرب ،وإيران تحاول تحرير أراضيها .
سادساً : تحول ميزان القوى لصالح إيران بدعم أسرائيلي بأسلحه نووية ،واحتلال الفاو ،وجزر مجنون .
سابعاً : النظام العراقي يسعى للتسلح بأسلحة الفتاكه.
ثامناً : حرب الناقلات ،وتأثيرها على إمدادات النفط .
تاسعاً : معارك العام الأخير للحرب .
عاشراً : النظام العراقي يهاجم مدينة حلبجة .
أحد عشر: النظام العراقي يكثف حرب الصواريخ ،وأركع إيران ،وأنهى الحرب بنصره الكبير.
اثنا عشر : النظام العراقي يهاجم بعض الخونة الاكراد واذناب الروافض [ حملة الأنفال ] .
أولاً : بداية الحرب ،والتحرش الايراني بالعراق ودول الخليج.
- أرسل الرئيس صدام حسين رسالة تهنئة للزعيم الإيراني الخميني بنجاح الثورة وتسلمه السلطة معرباً عن أمله بأن تكون مكسباً للامة العربية والإسلامية ،ومتمنياً بأن تكون العلاقات بين الشعبين العراقي والإيراني مبنية على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والجيرة الحسنة بما يطور العلاقة بين البلدين والشعبين، وقد قال السيد موسى الموسوي (مستشار الخميني آنذاك) المتواجد حالياً في لندن بأن الخميني قال له بعد قراءة الرسالة أمامه بأن صدام خائف لان هناك نسبة كبيرة من الشعب العراقي سيؤيده حالما ينادي بإسقاط النظام العراقي باعتباره عاش في العراق 13 سنه، وقد رد الزعيم الخميني برسالة جواب للرئيس العراقي تتضمن تهديداً ووعيداً وختمها بجملة والسلام على من اتبع الهدى وهي جملة معروف أنها تقال لغير المسلم.
- بدأت القيادة الإيرانية بحملة إعلامية واسعة وكبيره من خلال وسائل الأعلام المختلفة بالترويج لما يسمى بتصدير الثورة الإسلامية للأقطار المجاورة خاصة العراق ودول الخليج لزعزعة وإسقاط أنظمتها (التي كانت تصفهم القيادة الإيرانية بالأنظمة الكافرة والعميلة للغرب) لإقامة أنظمة موالية لها، كما رددت من خلال خطابها الإعلامي في أنه أي اتفاقية وقعها الشاه لا تعبر عن طموح الشعب الإيراني وتطلعاته تعتبر لاغية وخصت بالذكر اتفاقية الجزائر الموقعة مع العراق .
- بدأت القيادة الإيرانية واستمراراً لحملتها الإعلامية الواسعة ومنذ يوم 4/9/1980م بالتحرش بالمدن والقصبات العراقية الحدودية وقصفها بالمدفعية والتحرش بالسفن في الخليج العربي وشط العرب وفرض رفع العلم الإيراني فوق السفن العراقية وتحريض ما يسمى حزب الدعوة لإشعال نار الفتنة الطائفية وللقيام بتفجيرات داخل المدن والعاصمة بغداد، وقيام طائراتها بالإغارة على عدد من المنشآت العراقية حيث تم إسقاط إحدى الطائرات وأسر قائدها الذي احتفظت به القيادة العراقية إلى نهاية التسعينات على أنه دليل إثبات على بدء الحرب من قبل الجانب الإيراني، وقد قدمت القيادة العراقية اكثر من 260 مذكرة احتجاج موثقة ضد الجانب الإيراني على ممارسته وتجاوزاته وخروقاته للأراضي والمياه العراقية للأمم المتحدة وصور منها للجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والسفارة الإيرانية في بغداد، وقد تحملت القيادة العراقية كل ذلك بصبر وحكمة ومسؤولية عالية بهدف منع تطور الوضع إلى ما هو أسوء .
- لكن مع الأسف أن القيادة الإيرانية فسرت صبر القيادة العراقية وحكمتها وشعورها بالمسؤولية بالضعف والخوف والتردد مما جعلها تتمادى وتستمر بالتجاوزات والخروقات وقصف المدن والقصبات والاستفزازات في المياه الإقليمية والدولية وإشعال نار الفتنة بين الشعب العراقي، ولما تأكدت القيادة العراقية من عزم وإصرار القيادة الإيرانية في إلحاق الضرر بالعراق وإشعال الفتنة الطائفية فيه والتصميم على إسقاط القيادة العراقية قولاً وعملاً ، خرج الرئيس صدام حسين على شاشة التلفزيون ومزق اتفاقية الجزائر وقال أنها لاغية لان الإيرانيين خرقوا الاتفاقية في أهم بنودها وهو بند عدم التدخل بالشؤون الداخلية لكلا الطرفين، ولإفهام القيادة الإيرانية بقدرة العراق على الرد بكل قوة، قامت القيادة العراقية مضطرة بالرد في يوم 22/9/1980م بقيام عشرات الطائرات العراقية بقصف معظم المطارات الإيرانية بوقت واحد رافقه دخول الجيش العراقي بعمق 10 كم داخل أراضى إيران على طول الجبهة بهدف أبعاد المدفعية الإيرانية عن المدن والقصبات الحدودية .
في صباح الثاني والعشرين من أيلول 1980 ،قامت على حين غرة 154 طائرة حربية عراقية بهجوم جوي كاسح على مطارات إيران ،والمراكز الحيوية فيها ،ثم أعقبتها 100 طائرة أخرى في ضربة ثانية لإكمال ضرب المطارات والطائرات الحربية الإيرانية ،وكانت الطائرات تغير موجة إثر موجة ،وفي الوقت نفسه زحفت الدبابات والمدرعات العراقية نحو الحدود الإيرانية على جبهتين.
1 ـ الجبهة الأولى في المنطقة الوسطى من الحدود بين البلدين ،باتجاه [ قصر شيرين ] ، نظراً لقرب هذه المنطقة من قلب العراق ،لإبعاد أي خطر محتمل لتقدم القوات الإيرانية نحو ديالى ،ثم بغداد ،وقد استطاعت القوات العراقيه الاشاوس احتلال[ قصر شيرين ].
2 ـ الجبهة الثانية في الجنوب ،نحو منطقة [ خوزستان ] الغنية بالنفط ،وذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى ،حيث تطل على أعلى الخليج .
وفي خلال بضعة أسابيع من الهجوم المتواصل ،استطاعت القوات العراقية ،التي كانت قد استعدت للحرب ،من السيطرة على منطقة [ خوزستان ] بكاملها ،واحتلت مدينة [ خرم شهر ] ،وقامت بالتفاف حول مدينة [ عبدان ] النفطية ،وطوقتها .
وعلى الجانب الإيراني ،فقد قامت الطائرات الإيرانية بالرد على الهجمات العراقية ، وقصفت العاصمة بغداد ، وعدد من المدن الأخرى ، الا أن تأثير القوة الجوية الإيرانية لم يكن على درجة من الفعالية ،وخصوصاً وأن النظام العراقي كان قد تهيأ للحرب قبل نشوبها ، حيث تم نصب المضادات الأرضية في كل أنحاء العاصمة والمدن الأخرى ،وتم كذلك نصب العديد من بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات حول بغداد . وهكذا فقد فقدت إيران أعداد كبيرة من طائراتها خلال هجومها المعاكس على العراق ،كما أن القوة الجوية الإيرانية كانت قد فقدت الكثير من كوادرها العسكرية المدربة بعد قيام الثورة ،مما اضعف قدرات سلاحها الجوي ، ولم يمضِ وقت طويل حتى أصبح للسلاح الجوي العراقي السيطرة المطلقة في سماء البلدين .
وفي الوقت الذي كانت إيران تستورد الاسلحة من حلفائها أسرائيل وأمريكا مثل الأسلحة الكيماوية والنوويه ، كانت الأسلحة تنهال على العراق من كل جانب ، كما أوعزت الولايات المتحدة إلى الرئيس المصري أنور السادات ببيع جميع الأسلحة المصرية من صنع سوفيتي إلى العراق ،وتم فتح قناة الاتصال بين البلدين عن طريق سلطنة عمان ،حيث كانت العلاقات بين البلدين مقطوعة منذُ أن ذهب السادات إلى إسرائيل .وقام السادات بالدور الموكول له ،وأخذت الأسلحة المصرية تُنقل إلى العراق عن طريق الأردن والسعودية خلال عام 1981 . كما بدأت خطوط الإنتاج في المصانع الحربية المصرية تنتج وتصدر للعراق المعدات والذخيرة ،والمدافع عيار 122ملم طيلة سنوات الحرب .
.
أما الاتحاد السوفيتي ، فقد بدأ بتوريد الأسلحة إلى العراق ،بعد توقف لفترة من الزمن ، وبدأت الأسلحة تنهال عليه عام 1981 ،حيث وصل إلى العراق 400 دبابة طراز T55 و250 دبابة طراز T 72)) كما تم عقد صفقة أخرى تناولت طائرات [ميك ] [وسوخوي ] و [ توبوليف ] ،بالإضافة إلى الصواريخ .
كما عقد حكام العراق صفقة أخرى مع البرازيل ،بمليارات الدولارات ،لشراء الدبابات ،والمدرعات ،وأسلحة أخرى ،وجرى ذلك العقد بضمانة سعودية ، واستمرت العلاقات التسليحية مع البرازيل حتى نهاية الحرب عام 1988.
وهكذا أستمر تفوق الجيش العراقي خلال العام 1981 ،حيث تمكن من احتلال مناطق واسعة من القاطع الأوسط منها [سربيل زهاب ]و[الشوش]و[قصر شيرين] وغيرها من المناطق الأخرى .
كما تقدمت القوات العراقية في القاطع الجنوبي ،في العمق الإيراني ،عابرة نهر الطاهري
ثانياً : إيران تبحث عن السلاح من عند اصدقائها أسرائيل وأمريكا .
أحدث تقدم الجيش العراقي في العمق الإيراني قلقاً كبيراً لدى القيادة الإيرانية ،التي بدأت تعد العدة لتعبئة الجيش بكل ما تستطيع من الأسلحة والمعدات ،وقامت عناصر من الحكومة الإيرانية بالبحث عن مصادر للسلاح ،حيث كان السلاح الإيراني كله أمريكياً ،وكانت الولايات المتحدة قد أوقفت توريد الأسلحة إلى إيران منذُ الإطاحة بالشاه ،طلب الروافض من حليفتهم أسرائيل الدعم الا محدود من الاسلحة النوويه والكيماوية وأسلحة الدمار الشامل ، عن طريق أثنين من مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ، وهما [ أودولف سكويمر ] و [ يلكوف نامرودي
وجدت إسرائيل ضالتها في تقديم الأسلحة إلى إيران،ذلك لأن العراق تعتبره إسرائيل عدواً لها ،وإن إضعافه ،وإنهاك جيشه في حربه مع إيران يحقق أهداف إسرائيل .
ولم يكن تصرف إسرائيل هذا ،بمعزل عن الولايات المتحدة ورضاها ومباركتها وكانت هي المرتبة لتلك الصفقات ،بعد أن وجدت الولايات المتحدة أن الوضع العسكري في جبهات القتال قد أصبح لصالح العراق ،ورغبة منها في إطالة أمد الحرب أطول مدة ممكنة فقد أصبح من الضروري إمداد إيران بالسلاح لمقاومة التوغل العراقي في عمق الأراضي الإيرانية ،وخلق نوع من توازن القوى بين الطرفين .
وفي آذار من عام 1981 أسقطت قوات الدفاع الجوي السوفيتية طائرة نقل دخلت المجال الجوي السوفيتي قرب الحدود التركية ،وتبين بعد سقوطها أنها كانت تحمل أسلحة ومعدات إسرائيلية إلى إيران . وهكذا شاع خبر الأسلحة الإسرائيلية في أرجاء العالم وكانت فضيحة الروافض الكبرى .
إلا أن ذلك الإجراء لم يكن سوى تغطية للفضيحة ،وظهر أن وراء تلك الحرب مصالح دولية كبرى تريد إدامة الحرب ،وإذكاء لهيبها ،وبالفعل تكشفت بعد ذلك في عام 1986 ،فضيحة أخرى هي ما سمي [ إيران ـ كونترا ]على عهد الرئيس الأمريكي [ رونالد ريكان ] الذي أضطر إلى تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة السناتور [جون تاور ] وعضوية السناتور [ ادموند موسكي ] ومستشار للأمن القومي [برنت سكوكروفت ] ، وذلك في 26 شباط 19987 ،وقد تبين من ذلك التحقيق أن مجلس الأمن القومي الأمريكي كان قد عقد اجتماعاً عام 1983 ،برئاسة ريكان نفسه لبحث السياسة الأمريكية تجاه إيران ،وموضوع الحرب العراقية الإيرانية ،وقد وجد مجلس الأمن القومي الأمريكي أن استمرار لهيب الحرب يتطلب تزويد إيران بالسلاح وقطع الغيار والمعدات ، من قبل الولايات المتحدة وشركائها ،وبشكل خاص إسرائيل ،التي كانت لها مصالح واسعة مع حكومة الشاه لسنوات طويلة ، وأن تقديم السلاح لإيران يحقق هدفين للسياسة الإسرائيلية الإستراتيجية . الهدف الأول يتمثل في استنزاف القدرات العسكرية العراقية ،التي تعتبرها إسرائيل خطر عليها ، والهدف الثاني هو تنشيط سوق السلاح الإسرائيلي .
لقد قام الكولونيل [ اولفر نورث ] مساعد مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي بترتيب التعاون العسكري الإسرائيلي الإيراني علما أن الكونجرس كان قد اصدر قراراً يمنع بيع الأسلحة إلى إيران ،وجرى ترتيب ذلك عن طريق شراء الأسلحة إلى ثوار الكونترا في نكاراغوا ،حيث كان هناك قرارا بتزويد ثورة الردة في تلك البلاد ،وجرى شراء الأسلحة من إسرائيل ،وسجلت أثمانها بأعلى من الثمن الحقيقي ،لكي يذهب فرق السعر ثمناً للأسلحة المرسلة إلى إيران ،بالإضافة إلى ما تدفعه إيران من أموال لهذا الغرض .(3)
وقد أشار تقرير اللجنة الرئاسية كذلك ،إلى أن اجتماعاً كان قد جرى عقده بين الرئيس [ريكان ] ومستشاره للأمن القومي [ مكفرن ] عندما كان ريكان راقداً في المستشفى لإجراء عملية جراحية لإزالة ورم سرطاني في أمعائه ،وقد طلب مستشاره الموافقة على فتح خط اتصال مع إيران ،وقد أجابه الرئيس ريكان على الفور : [أذهب وافتحه ].
وبدأ الاتصال المباشر مع إيران ،وسافر [ أولفر نورث ] بنفسه إلى إيران في زيارة سرية لم يعلن عنها ،وبدأت الأسلحة ذات الدمار الشامل الأمريكية تنهال على إيران ، حباً بإيران ونظامها الرافضي (4)
ولم يقتصر تدفق الأسلحة لإيران ،على إسرائيل والولايات المتحدة فقط ،وإنما تعدتها إلى جهات أخرى عديدة
ثالثاً : إسرائيل تضرب المفاعل النووي العراقي بالاتفاق مع حليفتها أيران .
انتهزت إسرائيل فرصة قيام الحرب العراقية الإيرانية ،لتقوم بضرب المفاعل الذري العراقي عام 1981،فقد كانت إسرائيل تراقب عن كثب سعي النظام العراقي لبناء برنامجه النووي ،حيث قامت فرنسا بتزويد العراق بمفاعل ذري تم إنشاءه في الزعفرانية ،إحدى ضواحي بغداد ،وكانت إسرائيل ،عبر جواسيسها الأيرانيون و الأكراد تتتبّع التقدم العراقي في هذا المجال باستمرار .
وعندما قامت الحرب العراقية الإيرانية وجدت إسرائيل الفرصة الذهبية لمهاجمة المفاعل
،مستغلة قيام الطائرات الإيرانية شن غاراتها الجوية على بغداد ،وانغمار العراق في تلك الحرب مما يجعل من العسير عليه فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل آنذاك .
وهكذا هاجم سرب من الطائرات الإسرائيلية يتألف من 18 طائرة المفاعل النووي العراقي في كانون الثاني 1981،وضربه بالقنابل الضخمة ،وقيل حينذاك أن عدد من الخبراء الفرنسيين العاملين في المفاعل قد قدموا معلومات واسعة ودقيقة عن المفاعل ،مما سهل للإسرائيليين إحكام ضربتهم له ،وهكذا تم تدمير المفاعل بمساعدة لوجستية أيرانية.(5)
توعد لاسرائيل بالرد حين أنتهائه من حربه مع الروافض ,وقد اوفى بوعده ورد على أسرائيل بعدة صواريخ ولكن بعد وقت طويل نسبيا
رابعاً : إيران تستعيد قدراتها ،وتشن الهجوم المعاكس بدعم امريكي .
في أواسط عام 1982 ، استطاع النظام الرافضي احتواء هجوم الجيش العراقي ، وتوغله في عمق الأراضي الإيرانية ،وإعداد العدة للقيام بالهجوم المعاكس لطرد القوات العراقية من أراضيه بعد أن تدفقت الأسلحة على إيران من كل جهة واهمها أسرائيل ،وقامت الحكومة الإيرانية بتعبئة الشعب الإيراني ،ودفعه للمساهمة في الحرب .
لقد بدأت أعداد كبيرة من الإيرانيين بالتطوع في قوات الحرس الثوري ،مدفوعين بدعاوى دينية استشهادية ،وتدفق الآلاف المؤلفة منهم إلى جبهات القتال ،وقد عصبوا رؤوسهم بالعصابة السوداء
وفي تلك الأيام من أواسط عام 1982 ، شنت القوات الإيرانية هجوماً واسعاً على القوات العراقية ،التي عبرت نهر الطاهري متوغلة في العمق الإيراني ،واستطاع الجيش الإيراني ،والحرس الثوري من تطويق القوات العراقية ،وخاض ضدها معارك شرسة ذهب ضحيتها الآلاف من الروافض وقليل من جيش العراق المغوار، وكانت الحرب كر وفر وانسحبت القوات العراقية الى ترسانتها .
واستمر اندفاع القوات الإيرانية عبر نهر الطاهري ،و[ خرم شهر ] وطوقت مدينة عبدان النفطية المشهورة ،واشتدت المعارك بين الطرفين ،واستطاعت القوات الإيرانية في النهاية من التغلب على القوات العراقية في منطقة [ خوزستان ] في تموز من عام 1982 ،وكان الجيش العراقي مستبسلا دوما كقائده الفذ صدام حسين
أحدث الهجوم الإيراني هزة كبرى للنظام العراقي وآماله ،وأحلامه في السيطرة على منطقة خوزستان الغنية بالبترول ،وكان حكام العراق قد ساوموا حكام إيران عليها بموجب شروط المنتصر في الحرب ،إلا أن حكام إيران رفضوا شروط العراق المنتصر بالحرب
حاول النظام العراقي التوصل مع حكام إيران إلى وقف الحرب وحقن الدماء ،وإجراء مفاوضات بين الطرفين ،قامت القوات الإسرائيلية في صيف ذلك العام 1982 باجتياح لبنان، واحتلالها للعاصمة بيروت ،وفرضها زعيم القوات الكتائبية [ بشير الجميل ] رئيساً للبلاد ،تحت تهديد الدبابات التي أحاطت بالبرلمان اللبناني ،لكي يتسنى للعراق تقديم الدعم للشعب اللبناني حسب عقائيدته ،مبدياً استعداده للانسحاب من جميع الأراضي الإيرانية المحتلة نظرا لكسبه الحرب على أيران ومولاها أسرائيل ،إلا أن حكام إيران ،وعلى رأسهم [الإمام الخميني ]رفضوا العرض العراقي بأمر أمريكي أسرائيلي خوفا منهم كي لايقطعوا عنهم المد العسكري ووقعت أيران بين فكين كماشة ،وأصروا على مواصلة الحرب رغم الخسائر المؤلمة وموت قواتهم بالالالف كل يوم..
وحاولت العراق ،بكل الوسائل والسبل وقف الحرب ،ووسطوا العديد من الدول ،والمنظمات ،كمنظمة الأمم المتحدة ،والجامعة العربية ،ومنظمة المؤتمر الإسلامي ،ولكن كل محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح ،فقد كان الإمبرياليون يسعون بكل الوسائل والسبل إلى استمرار الحرب ،وإفشال أي محاولة للتوسط في النزاع ، فقد قتل وزير خارجية الجزائر عندما كان في طريقه إلى إيران ،في محاولة للتوسط بين الطرفين المتحاربين ،حيث أُسقطت طائرته ولف الحادث الصمت المطبق ،وبقي سراً من الأسرار .
كما اغتيل رئيس وزراء السويد [ أولف بالمه ] الذي بذل جهوداً كبيرة من أحل وقف القتال ،في أحد شوارع العاصمة السويدية ،وبقي مقتله سراً من الأسرار كذلك ، وقيل أن توسطه بين الأطراف المتحاربة لوقف القتال كان أحد أهم أسباب اغتياله ، هذا بالإضافة إلى موقفه النبيل من قضايا التسلح النووي ،والحرب الفيتنامية التي عارضها بشدة .
لقد كان إصرار حكام إيران على استمرار الحرب بأمر أمريكي بحت ،من اعظم الأخطاء التي وقعوا فيها ، ولا يمكن تبرير موقفهم ذاك بأي حال من الأحوال ،فقد أدى استمرار الحرب حتى الأشهر الأخيرة من عام 1988 ،إلى إزهاق أرواح مئات الألوف من أبناء الرافضة ،وبُددت ثروات البلدين ،وانهار اقتصادهما ،وتراكمت عليهما الديون ،،كما كانت شعاراتهم تقول .ولا أحد يعتقد أن الإمام الخميني وحكام إيران لم يكونو عارفين أن تلك الحرب كانت حرب أمريكية ،وتصب في خانة الولايات المتحدة وإسرائيل الإستراتيجية في المنطقة ،وكان خير دليل على ذلك قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتزويد أيران بالأسلحة ،والمعدات وقطع الغيار ،والمعلومات التي كانت تنقلها الأقمار الصناعية ،التجسسية الأمريكية لايران،من أجل إطالة أمد الحرب ،وعليه كان الإصرار على استمرار الحرب جريمة كبرى بحق الشعبين والبلدين الجارين المسلمين ،بصرف النظر عن طبيعة الشعب الفارسي ومحاولته لاغتصاب أراضي الخليج وثرواته التي كانت محط انظاره دائما ولكن لقن درسا ابديا على يد العراقيين الشجعان وقائدهم الفذ المناضل صدام حسين،والحمدلله كان الله ناصرهم بكل المعارك
لقد كان أحرى بالنظام الإيراني وبالإمام الخميني إيقاف القتال ،وحقن الدماء ، والعمل بقوله تعالى : [ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ] وقوله تعالى في آية أخرى : [ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين ] ،كما جاء في آية ثالثة قوله تعالى : [ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، فاصلحوا بينهم ]( صدق الله العظيم)تلك هي آيات من القرآن الكريم ، وهي تحث على السلام ،وحل المشاكل بالحسنى والعدل ،ولكن هم بعيدين كل البعد عن القرأن والسنة والصحابة الطاهرين بل هم بأنكارهم لبعض أيات القرأن هم كفرة جاحدين مرتدين, يكذبون الله بأنكارهم تبرئة أمنا عائشة رضي الله عنها المبرئه بصريح الأية القرأنيه ولا اريد الخوض اكثر فهناك مئة انكار للقرأن والسنة لعنة الله على الكافرين
ومن جهة أخرى كان النظام الإيراني قد أدرك أن الإمبرياليين يساعدون الطرفين ، ويمدونهم بالسلاح والمعلومات العسكرية ،أفلا يكون هذا خير دليل على أن تلك الحرب هي حرب أمريكية ،استهدفت البلدين والشعبين والجيشين ،من أجل حماية مصالح الإمبرياليين في الخليج ،وضمان تدفق النفط إليهم دون تهديد أو مخاطر ، وبالسعر الذي يحددونه هم ؟ ثم ألا يعني استمرار تلك الحرب ،خدمة كبرى للإمبرياليين،وكارثة مفجعة لشعبي البلدين وللعلاقات التاريخية وحسن الجوار بينهما ؟
لقد أرادالروافض أن يزاوج مصالح الإمبريالية بأطماعهم التوسعية ،ولكن حسابات البيدر كانت غير حسابات الحقل ،كما يقول المثل ،ودفعت أيران ثمناً غالياً من دماء أبنائه ومن كرمتها المهدورة،وبددت ثروات البلاد ، واغرقت نفسها و العراق بالديون ،ودمر اقتصاده ، ولم يستفد من تلك الحرب سوى الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم.
ربما فكر الإمام الخميني بأن استمرار الحرب يمكن أن يحقق له أهدافاً في العراق ، كقيام ثورة [ شيعية ] تسقط النظام الصدامي ،لكن هذا الحلم كان غير ممكن التحقيق ،لسبب بسيط ،وهو أن الإمبريالية لا يمكن أن تسمح بقيام نظام ثانٍ في العراق على غرار النظام الإيراني ،ولا حتى تسمح بأن يسيطر صدام حسين على إيران ليشكل ذلك أكبر خطر على مصالحهم في المنطقة ،وتسمح لأحد المنتصرين الجلوس على نصف نفط الخليج ،وليس أدل على ذلك من إعلان الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي ، في 23 كانون الثاني من عام 1980 والذي جاء فيه ما يلي :
{ إن أي محاولة من جانب أي قوى للحصول على مركز مسيطر في منطقة الخليج ، سوف يعتبر في نظر الولايات المتحدة الأمريكية كهجوم على المصالح الحيوية بالنسبة لها ،وسوف يتم رده بكل الوسائل ، بما فيها القوة العسكرية } .(6)
هذه هي حقائق الوضع في منطقة الخليج ،والتي جهلها أو تجاهلها حكام البلدين ، ليغرقوا بلديهما وشعبيهما في ويلات أطول حرب في القرن العشرين .
خامساً : استمرار الحرب ،وإيران تحاول تحرير أراضيها .
اشتدت الحرب ضراوة ما بين الأعوام 1983 ـ 1986 ،حيث أخذت إيران زمام المبادرة من العراقيين ،واستطاعت بعد إكمال تحرير إقليم خوزستان ،أن تركز جهدها الحربي نحو القاطع الأوسط من ساحة الحرب ،وشنت هجوماً واسعا على القوات العراقية ،مسددة له ضربات متواصلة ،استطاعت من خلالها تحرير بعض المدن [ قصر شيرين] و [ سربيل زهاب ] و [ الشوش ]،وتمكنت من أستعادتها
لقد كان الرئيس صدام حسين كريما سخيا حنونا مع شعبه الشريف منهم وقدم المساعدات رغم ضغوط الحرب التي اثقلت كاهله فقدم لكل مصاب او اهل شهيد سيارة ومبلغ من المال ،أو قطعة أرض او شقة أو دار ، وكانت الحكومة السعودية ، وحكام دول الخليج الأخرى تدفع الأموال الطائلة لتمكن صدام حسين من دفع تلك المساعدات ،ولشراء الأسلحة والمعدات للجيش العراقي ،
لقد كان من الممكن أن يكون العراق اليوم في مصاف الدول المتقدمة في تطوره ، ومستوى معيشة شعبه ،نظراً لما يتمتع به العراق من ثروات نفطية ومعدنية ،وأراضي زراعية خصبة ،ومياه وفيرة ،ولكن أجبروه الروافض الى دخول تلك الحرب, التي نصره الله بها رغم أنوف أسرائيل وأمريكا ومن ساندهم
يتبع
عدل سابقا من قبل أبى الحسن في الأربعاء نوفمبر 10, 2010 9:52 pm عدل 2 مرات